مواضيع مماثلة
خدمــــــــات الميدان الملـــــــــــــكي
توقيت دول العالم مع الميدان الملكي |
|
العب سدوكو مع الميدان الملكي
برامج تهمك
.المواضيع الأكثر نشاطاً
المواضيع الأكثر شعبية
فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر1
صفحة 1 من اصل 1
15112008
فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر1
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]الحب يصنع المعجزات .. [/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لست جاسوساً لإسرائيل . . أنا ضحية [/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]عبارة طالما ترددت على الألسنة وعلى الأوراق باهتة المقصد، وإن كانت تعني أن الحب يدفع بالمحبين الى صنع ما لم يخطر ببالهم ليعيش الحب قوياً .. لا ترهبه ضربات الزمن أو عضات الوهن . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لكن . . هل يدفع الحب بالمحبين أيضاً الى طريق ضائع. . مظلم وأكثر رعباً من الرعب نفسه؟[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وهل يقود الحب – أحياناً – والفقر . .الى مصيدة الجاسوسية؟ ..[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]هذا ما سنراه في مذكرات جاسوس الإسكندرية (فؤاد حسن علي حمودة) الموظف بشركة المضارب . . والذي دخل النفق المظلم – نفق المخابرات والجاسوسية – بسبب حب "نوسة" . . وقاده الحب المدمر الى النهاية الطبيعية لكل جاسوس خائن . . !![/size][/font][/right]
[b][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ضحية عشق نوسة[/font][/b]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]أفاق على صوت مزلاج باب زنزانته الحديدي فارتعد جسده النحيل، ونظر باتجاه الباب في رعب لتصطدم عيناه بوجه الشاويش حمدون يطل عليه بملامحه الجامدة وشاربه الكث، وكأنه تمثال قُد من صخر.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]دفع "جراية" الطعام بعيداً وغاص في خوفه وهو يتأمل بزته الحمراء فانتفض بدنه في رجفة لا إرادية .. ثم انكفأ بوجهه بين ركبتيه يحيطهم بيديه المرتعشتين وأجهش في بكاء مرير، وارتفع نشيجه يشق سكون الزنزانة الضيقة المعتمة، إنه يموت كل يوم آلاف المرات كلما سمع وقع أقدام تتحرك أو صوت مزلاج يفتح.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كان أمله الأخير ألا يصدق رئيس الجمهورية على حكم المحكمة ولكن خاب أمله وضاع. فلماذا إذن لا ينفذون حكم الإعدام سريعاً؟ ولم هذا الموت البطيء؟ أيكون الانتظار عقاباً نفسياً قبل الشنق؟[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]هكذا تساءل فؤاد حمودة وهو حبيس الزنزانة الانفرادية في سجن مزرعة طرة .. وتحسس رقبته للمرة المليون وصرخ بأعلى صوته . . لا . . لا. . لست جاسوساً لإسرائيل . . أنا ضحية .. أنا ضحية الفقر . . وأخذ يضرب الأرض الباردة وهو يردد في وهن: وضحية حب نوسة . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وسكنت حركته بعدما استسلم لواقعه ولمصيره . . وتمدد على "البرش" ثم تقلب وتكور متوسداً إحدى يديه ضاغطاً بالأخرى على أذنه . . فيسمع صوتاً يشبه هدير موج يتعاقب، وضربات قلبه اللاهثة تدق في اضطراب تعلن عن مدى الخوف الذي سكن بأعماقه .. والرعب الذي يخترق أفكاره ويشتتها.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ارتد الى الوراء يتذكر بدايته وتسلسل حياته الى أن صار جاسوساً لإسرائيل. مدفوعاً بحب نوسة العجيب . . حب دفع بالحبيب الى حبل المشنقة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وبعد إعدامه عثروا في زنزانته على لفافة من الأوراق سجل بها قصة حياته بإيجاز أحياناً. . وبتفصيل مطول أحياناً أخرى.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]إنها قصته مع الحياة . . ومع الحب . . ومع الجاسوسية. يقول فؤاد في مذكراته التي خلفها وراءه:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]. . . كان والدي موظف بسيط في الحكومة وأمي لا تعمل . . وكانت الأسرة كبيرة العدد قليلة الدخل والأفواه لا تكف عن المضغ والطلبات ترهق الأب . . فتحيل نهاره الى سعي وشقاء وليله الى نوم متقطع وسعال.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كنت الإبن الثالث ومن بعدي ثلاثة آخرون. أنهيت تعليمي المتوسط وجلست أنتظر فرصة للعمل. ولم يخطر ببالي أنني كنت أنتظر نقطة البداية التي سأنطلق من خلالها الى خط النهاية بسرعة البرق. مدفوعاً بقوة لا أستطيع مقاومتها. . ذلك أنني رفعت سماعة التليفون ذات مساء ممل . . فجاء صوتها كالنسيم رقيقاً حنوناً بعث الدفء بأعماقي . . ودار بيننا حديث طويل امتد لقرب الصباح.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كان اسمها نوسة طالبة في الدبلوم. تسكن في سبورتنج. . تكرر أحاديثنا التليفونية لعدة أيام متصلة. . فالتهبت حرارة الأسلاك وهي تحمل جرعات الرغبات المتزايدة التي ترسلها نوسة بصوتها الأنثوي المسكر . . وكأنه خمر ينصب رقراقاً خلال سماعة التليفون. ونسيت مع مكالماتها وحدتي برغم الزحام والضجيج في شقتنا. . واتجهت لكتابة الشعر . . تبدلت حياتي كلها .. إذ أصبحت نوسة هي شاغلي ومشاغلي . . أنام على صوتها وأصحو .. وأحس معها بالمرارة التي تغلفها أحياناً رغم أنها وحيدة أبويها .. وتقوم أمها على خدمتها وتعاملها كملكة على عرش قلبها.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كانت فتاة مرفهة الى درجة الجنون رقيقة لا تتصنع. . مثيرة لا تتركني أهدأ . . أو تخمد نيران رغباتي تجاهها برغم سنها الصغير وقلة خبرتها بالحياة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لكنها برغم ذلك استطاعت أن تحكم قيدها حول حواسي . . فأدور في فلكها كالمنوم. . حتى وهي تحاول أن تستدرجني لأحاديث الجنس كنت أبدو كالأبله . . فأنا لا أعلم شيئاً عنه. إلا أنها تمادت في استدراجي فتجاوبت معها عبر الأسلاك يشجعني صوتها الذي يحرك الجبل وهتفت في نفسي لأرفض وهي تضغط. أرفض وهي تقتل قوتي وتحصد مقاومتي ورفضي بتأوهات يفور لها جسدي كبوتقة تغلي . . ولما فشلت معها أرقتني الرغبة المحبوسة فتأثرت لحالي. . وفوجئت بها تعرض علي أن أزورها بمنزلها بعد منتصف الليل . ثم تحول العرض الى دعوة ملحة . . وضايقها ترددي وخوفي. لقد كان عمها المحامي يسكن في الشقة العلوية وهذا الأمر أخافني. . إلا أنها دبرت كل شيء في جرأة مدهشة. . فذهبت اليها بعد منتصف الليل في إحدى الليالي الباردة مدفوعاً برغبتي العنيفة . . وكان هذا أول تدريب لي على عمل الجاسوسية.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وعندما جلست بجوارها على حافة السرير – على بعد خمسة أمتار من حجرة والدها – سألت نفسي: هل حبيبتي مومس تخدعني أم هي مراهقة تحب؟ وغادرت شقتها لا أصدق أنني نجوت بحياتي من مصير مجهول. وأعترف أنه برغم سعادتي برجولتي . . إلا أنني فقدت أشياء لذيذة كنت لا أريد مسها . . وأهمها أنني فقدت بعض ثقتي بها . . ولكن صديقي حاتم أكد لي أن الحب أعمى . . وأن الفتاة تسلم كل شيء لحبيبها عن قناعة ورضا لأنها تحب.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وبعد عدة أيام دعوتها الى شقة أختي المسافرة الى الخارج مع زوجها فجاءت نوسة بسهولة .. وبسهولة أكثر جعلتني أخلع عنها ملابسها دون أن تصدني ولو كذباً وكأنما هي اعتادت ذلك من قبل . . لكن الذي أذهلني بحق هو أنني فوجئت بها ليست بكراً . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]صفعتني المفاجأة وتحطمت ثقتي بها وفي كل بنات جنسها وأغمضت عيني عن هذا الخطأ مؤقتاً. لقد كنت أحبها ولذلك تعمدت ألا أذكر هذا الأمر ثانية . . لكنها هاجمتني بعنف واتهمتني بأني ضيعتها. أخذتها الى أشهر دكتور في الإسكندرية فلم يصارحني بالحقيقة. . ونسينا الأمر برمته، وكنت لا أستطيع فراقها أو ابتعادها عني. فلقد صارت في دمي . . !![/size][/font][/right]
[b][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]إفعلْ شيئاً لأجلي[/font][/b]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وتصف لنا مذكرات جاسوس الإسكندرية أدق خلجاته وإحساساته. كتبها في لحظات صدق مع نفسه قبل أن يلتف حبل المشنقة حول رقبته. وكان قد تقدم بالتماس الى الرئيس أنور السادات يطلب تخفيف حكم الإعدام ولم يصل الرد بعد على التماسه الذي كان هو الأمل الأخير له في إنقاذه.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ولأنه عاش كثيراً يحلم بتحقيق هذا الأمل. . فقد اتسمت مذكراته بالسرد الدقيق والوصف الرائع لكل جوانب حياته. صفحات بلغت أكثر من مائتي صفحة تحمل مشاعر جاسوس خائن . . اعتقد أن الحب كان السبب الرئيسي في وقوعه في جبّ الجاسوسية العميق المظلم. يقول الجاسوس:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]في زنزانتي الرطبة الضيقة .. أنام يقظاً مع انسحاب الشمس وأصحو مع أول خيوطها. وما بين النوم واليقظة ترتعش حواليّ كل الصور .. وترهبني خطوات السجانين طوال الليل. . فأظل أنصت مرعوباً وهي تقترب فأحس باقتراب الموت .. وتبتعد فأتنهد. . ثم يتملكني الهلع. وهكذا كنت لا أنام ولا أهدأ . . أتخيل وجه نوسة الرائع وهي بين أحضاني . .أرتشف من أنوثتها لذاذات جميلة .. وأحسو شراباً مسكراً ومعتقاً .. وأعيش معها أجمل لحظات عمري نخوض معاً بحور المتعة .. ونجوب نبحث عن مشتقات أخرى للنشوة تغتال فينا الملل والكآبة ..[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ولم تكد تمر عدة أشهر . . إلا وخطبت نوسة فجأة وانشغل تليفونها عني في المساء، فجن جنوني وأقسمت أن أفوز بها ولا أتركها لغيري بعدما أدمنتها. . لكنها كانت تتهرب من لقائي وجنوني. . وتملكني الشعور القاتم بالهزيمة وأنا أضرب رأسي بيدي وأرتجف غضباً وأردد: "أيتها المومس الحقيرة .. أحبك . . أحبك بوجهك الطفولي البريء وصوتك الساحر . . أحبك وأنت تصعدين ورائي الى الطابق الخامس في شارع "الجلاء" ترتدين زي المدرسة وتحملين حقيبتك .. وتنشدين ما يكفيك من النشوة لعدة أيام قادمة .. أحبك يا عاهرة كاذبة . . ولن أنسى يوم خطبتك لهذا المغفل الذي نزف عليك مئات الجنيهات كما نزفت أنا معك رجولتي".[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]يومها . . طلبت مني والدتي أن أقرأ عليها عدة صفحات من رواية عاطفية . . فجلست أقرأ لا أدري أي سطور قرأت وقد اختنق صوتي وتلجلج لساني . . وبكيت بكاء الضائع الذي فقد الطريق والأمان.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ثلاثة أشهر وعادت نوسة ذليلة يغشاها انكسار الهزيمة بعدما فشلت خطبتها .. ولم تمهلني الوقت لأفكر فاستردتني سريعاً واحتوتني من جديد فقلت لها:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16] أنا لم أكرهك يوماً. . أحبك وإن كنت عاهرة تستأجر.
فؤاد – يا فؤادي . . يا حياتي . . اشترني ولا تبخس الثمن.
اشتريتك.
سافر وكافح من أجلي . . سافر الى أي مكان في الدنيا وعد بالثمن.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]قلت لها:
لقد عينت في شركة مضارب الإسكندرية بسبعة عشر جنيهاً.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]قالت في يأس:
لن نتزوج إذن قبل عشر سنوات.
أهلك يبالغون في المهر.
سافر لعام واحد وسأنتظرك . . سافر .. إنه الحل الوحيد لنا.
لا أملك مصاريف السفر . . أنت تعرفين كل الظروف.
ألم تخبرني أن شقيقتك ستعود عما قريب؟
نعم .. أرسلت لنا بأخبار عودتها بعد شهر ونصف.
اقترض منها مبلغاً وخذ مني هذه الإسورة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وأضافت وأنفاسها تلهب وجهي: إفعلْ شيئاً لأجلي. وسأظل أنتظرك وأنسج ثوب عرسي كما كانت تفعل "بنيلوبي" قديماً.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لست جاسوساً لإسرائيل . . أنا ضحية [/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]عبارة طالما ترددت على الألسنة وعلى الأوراق باهتة المقصد، وإن كانت تعني أن الحب يدفع بالمحبين الى صنع ما لم يخطر ببالهم ليعيش الحب قوياً .. لا ترهبه ضربات الزمن أو عضات الوهن . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لكن . . هل يدفع الحب بالمحبين أيضاً الى طريق ضائع. . مظلم وأكثر رعباً من الرعب نفسه؟[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وهل يقود الحب – أحياناً – والفقر . .الى مصيدة الجاسوسية؟ ..[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]هذا ما سنراه في مذكرات جاسوس الإسكندرية (فؤاد حسن علي حمودة) الموظف بشركة المضارب . . والذي دخل النفق المظلم – نفق المخابرات والجاسوسية – بسبب حب "نوسة" . . وقاده الحب المدمر الى النهاية الطبيعية لكل جاسوس خائن . . !![/size][/font][/right]
[b][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]ضحية عشق نوسة[/font][/b]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]أفاق على صوت مزلاج باب زنزانته الحديدي فارتعد جسده النحيل، ونظر باتجاه الباب في رعب لتصطدم عيناه بوجه الشاويش حمدون يطل عليه بملامحه الجامدة وشاربه الكث، وكأنه تمثال قُد من صخر.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]دفع "جراية" الطعام بعيداً وغاص في خوفه وهو يتأمل بزته الحمراء فانتفض بدنه في رجفة لا إرادية .. ثم انكفأ بوجهه بين ركبتيه يحيطهم بيديه المرتعشتين وأجهش في بكاء مرير، وارتفع نشيجه يشق سكون الزنزانة الضيقة المعتمة، إنه يموت كل يوم آلاف المرات كلما سمع وقع أقدام تتحرك أو صوت مزلاج يفتح.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كان أمله الأخير ألا يصدق رئيس الجمهورية على حكم المحكمة ولكن خاب أمله وضاع. فلماذا إذن لا ينفذون حكم الإعدام سريعاً؟ ولم هذا الموت البطيء؟ أيكون الانتظار عقاباً نفسياً قبل الشنق؟[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]هكذا تساءل فؤاد حمودة وهو حبيس الزنزانة الانفرادية في سجن مزرعة طرة .. وتحسس رقبته للمرة المليون وصرخ بأعلى صوته . . لا . . لا. . لست جاسوساً لإسرائيل . . أنا ضحية .. أنا ضحية الفقر . . وأخذ يضرب الأرض الباردة وهو يردد في وهن: وضحية حب نوسة . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وسكنت حركته بعدما استسلم لواقعه ولمصيره . . وتمدد على "البرش" ثم تقلب وتكور متوسداً إحدى يديه ضاغطاً بالأخرى على أذنه . . فيسمع صوتاً يشبه هدير موج يتعاقب، وضربات قلبه اللاهثة تدق في اضطراب تعلن عن مدى الخوف الذي سكن بأعماقه .. والرعب الذي يخترق أفكاره ويشتتها.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ارتد الى الوراء يتذكر بدايته وتسلسل حياته الى أن صار جاسوساً لإسرائيل. مدفوعاً بحب نوسة العجيب . . حب دفع بالحبيب الى حبل المشنقة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وبعد إعدامه عثروا في زنزانته على لفافة من الأوراق سجل بها قصة حياته بإيجاز أحياناً. . وبتفصيل مطول أحياناً أخرى.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]إنها قصته مع الحياة . . ومع الحب . . ومع الجاسوسية. يقول فؤاد في مذكراته التي خلفها وراءه:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]. . . كان والدي موظف بسيط في الحكومة وأمي لا تعمل . . وكانت الأسرة كبيرة العدد قليلة الدخل والأفواه لا تكف عن المضغ والطلبات ترهق الأب . . فتحيل نهاره الى سعي وشقاء وليله الى نوم متقطع وسعال.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كنت الإبن الثالث ومن بعدي ثلاثة آخرون. أنهيت تعليمي المتوسط وجلست أنتظر فرصة للعمل. ولم يخطر ببالي أنني كنت أنتظر نقطة البداية التي سأنطلق من خلالها الى خط النهاية بسرعة البرق. مدفوعاً بقوة لا أستطيع مقاومتها. . ذلك أنني رفعت سماعة التليفون ذات مساء ممل . . فجاء صوتها كالنسيم رقيقاً حنوناً بعث الدفء بأعماقي . . ودار بيننا حديث طويل امتد لقرب الصباح.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كان اسمها نوسة طالبة في الدبلوم. تسكن في سبورتنج. . تكرر أحاديثنا التليفونية لعدة أيام متصلة. . فالتهبت حرارة الأسلاك وهي تحمل جرعات الرغبات المتزايدة التي ترسلها نوسة بصوتها الأنثوي المسكر . . وكأنه خمر ينصب رقراقاً خلال سماعة التليفون. ونسيت مع مكالماتها وحدتي برغم الزحام والضجيج في شقتنا. . واتجهت لكتابة الشعر . . تبدلت حياتي كلها .. إذ أصبحت نوسة هي شاغلي ومشاغلي . . أنام على صوتها وأصحو .. وأحس معها بالمرارة التي تغلفها أحياناً رغم أنها وحيدة أبويها .. وتقوم أمها على خدمتها وتعاملها كملكة على عرش قلبها.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]كانت فتاة مرفهة الى درجة الجنون رقيقة لا تتصنع. . مثيرة لا تتركني أهدأ . . أو تخمد نيران رغباتي تجاهها برغم سنها الصغير وقلة خبرتها بالحياة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]لكنها برغم ذلك استطاعت أن تحكم قيدها حول حواسي . . فأدور في فلكها كالمنوم. . حتى وهي تحاول أن تستدرجني لأحاديث الجنس كنت أبدو كالأبله . . فأنا لا أعلم شيئاً عنه. إلا أنها تمادت في استدراجي فتجاوبت معها عبر الأسلاك يشجعني صوتها الذي يحرك الجبل وهتفت في نفسي لأرفض وهي تضغط. أرفض وهي تقتل قوتي وتحصد مقاومتي ورفضي بتأوهات يفور لها جسدي كبوتقة تغلي . . ولما فشلت معها أرقتني الرغبة المحبوسة فتأثرت لحالي. . وفوجئت بها تعرض علي أن أزورها بمنزلها بعد منتصف الليل . ثم تحول العرض الى دعوة ملحة . . وضايقها ترددي وخوفي. لقد كان عمها المحامي يسكن في الشقة العلوية وهذا الأمر أخافني. . إلا أنها دبرت كل شيء في جرأة مدهشة. . فذهبت اليها بعد منتصف الليل في إحدى الليالي الباردة مدفوعاً برغبتي العنيفة . . وكان هذا أول تدريب لي على عمل الجاسوسية.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وعندما جلست بجوارها على حافة السرير – على بعد خمسة أمتار من حجرة والدها – سألت نفسي: هل حبيبتي مومس تخدعني أم هي مراهقة تحب؟ وغادرت شقتها لا أصدق أنني نجوت بحياتي من مصير مجهول. وأعترف أنه برغم سعادتي برجولتي . . إلا أنني فقدت أشياء لذيذة كنت لا أريد مسها . . وأهمها أنني فقدت بعض ثقتي بها . . ولكن صديقي حاتم أكد لي أن الحب أعمى . . وأن الفتاة تسلم كل شيء لحبيبها عن قناعة ورضا لأنها تحب.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وبعد عدة أيام دعوتها الى شقة أختي المسافرة الى الخارج مع زوجها فجاءت نوسة بسهولة .. وبسهولة أكثر جعلتني أخلع عنها ملابسها دون أن تصدني ولو كذباً وكأنما هي اعتادت ذلك من قبل . . لكن الذي أذهلني بحق هو أنني فوجئت بها ليست بكراً . .[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]صفعتني المفاجأة وتحطمت ثقتي بها وفي كل بنات جنسها وأغمضت عيني عن هذا الخطأ مؤقتاً. لقد كنت أحبها ولذلك تعمدت ألا أذكر هذا الأمر ثانية . . لكنها هاجمتني بعنف واتهمتني بأني ضيعتها. أخذتها الى أشهر دكتور في الإسكندرية فلم يصارحني بالحقيقة. . ونسينا الأمر برمته، وكنت لا أستطيع فراقها أو ابتعادها عني. فلقد صارت في دمي . . !![/size][/font][/right]
[b][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif]إفعلْ شيئاً لأجلي[/font][/b]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وتصف لنا مذكرات جاسوس الإسكندرية أدق خلجاته وإحساساته. كتبها في لحظات صدق مع نفسه قبل أن يلتف حبل المشنقة حول رقبته. وكان قد تقدم بالتماس الى الرئيس أنور السادات يطلب تخفيف حكم الإعدام ولم يصل الرد بعد على التماسه الذي كان هو الأمل الأخير له في إنقاذه.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ولأنه عاش كثيراً يحلم بتحقيق هذا الأمل. . فقد اتسمت مذكراته بالسرد الدقيق والوصف الرائع لكل جوانب حياته. صفحات بلغت أكثر من مائتي صفحة تحمل مشاعر جاسوس خائن . . اعتقد أن الحب كان السبب الرئيسي في وقوعه في جبّ الجاسوسية العميق المظلم. يقول الجاسوس:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]في زنزانتي الرطبة الضيقة .. أنام يقظاً مع انسحاب الشمس وأصحو مع أول خيوطها. وما بين النوم واليقظة ترتعش حواليّ كل الصور .. وترهبني خطوات السجانين طوال الليل. . فأظل أنصت مرعوباً وهي تقترب فأحس باقتراب الموت .. وتبتعد فأتنهد. . ثم يتملكني الهلع. وهكذا كنت لا أنام ولا أهدأ . . أتخيل وجه نوسة الرائع وهي بين أحضاني . .أرتشف من أنوثتها لذاذات جميلة .. وأحسو شراباً مسكراً ومعتقاً .. وأعيش معها أجمل لحظات عمري نخوض معاً بحور المتعة .. ونجوب نبحث عن مشتقات أخرى للنشوة تغتال فينا الملل والكآبة ..[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ولم تكد تمر عدة أشهر . . إلا وخطبت نوسة فجأة وانشغل تليفونها عني في المساء، فجن جنوني وأقسمت أن أفوز بها ولا أتركها لغيري بعدما أدمنتها. . لكنها كانت تتهرب من لقائي وجنوني. . وتملكني الشعور القاتم بالهزيمة وأنا أضرب رأسي بيدي وأرتجف غضباً وأردد: "أيتها المومس الحقيرة .. أحبك . . أحبك بوجهك الطفولي البريء وصوتك الساحر . . أحبك وأنت تصعدين ورائي الى الطابق الخامس في شارع "الجلاء" ترتدين زي المدرسة وتحملين حقيبتك .. وتنشدين ما يكفيك من النشوة لعدة أيام قادمة .. أحبك يا عاهرة كاذبة . . ولن أنسى يوم خطبتك لهذا المغفل الذي نزف عليك مئات الجنيهات كما نزفت أنا معك رجولتي".[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]يومها . . طلبت مني والدتي أن أقرأ عليها عدة صفحات من رواية عاطفية . . فجلست أقرأ لا أدري أي سطور قرأت وقد اختنق صوتي وتلجلج لساني . . وبكيت بكاء الضائع الذي فقد الطريق والأمان.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]ثلاثة أشهر وعادت نوسة ذليلة يغشاها انكسار الهزيمة بعدما فشلت خطبتها .. ولم تمهلني الوقت لأفكر فاستردتني سريعاً واحتوتني من جديد فقلت لها:[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16] أنا لم أكرهك يوماً. . أحبك وإن كنت عاهرة تستأجر.
فؤاد – يا فؤادي . . يا حياتي . . اشترني ولا تبخس الثمن.
اشتريتك.
سافر وكافح من أجلي . . سافر الى أي مكان في الدنيا وعد بالثمن.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]قلت لها:
لقد عينت في شركة مضارب الإسكندرية بسبعة عشر جنيهاً.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]قالت في يأس:
لن نتزوج إذن قبل عشر سنوات.
أهلك يبالغون في المهر.
سافر لعام واحد وسأنتظرك . . سافر .. إنه الحل الوحيد لنا.
لا أملك مصاريف السفر . . أنت تعرفين كل الظروف.
ألم تخبرني أن شقيقتك ستعود عما قريب؟
نعم .. أرسلت لنا بأخبار عودتها بعد شهر ونصف.
اقترض منها مبلغاً وخذ مني هذه الإسورة.[/size][/font][/right]
[right][font:b760=tahoma,arial,helvetica,sans-serif][size=16]وأضافت وأنفاسها تلهب وجهي: إفعلْ شيئاً لأجلي. وسأظل أنتظرك وأنسج ثوب عرسي كما كانت تفعل "بنيلوبي" قديماً.[/size][/font][/right]
ezzyasmine- لواء
-
عـــدد المساهمــــــات : 930
مواضيع مماثلة
» فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر8
» فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر3
» فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر5
» فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر3
» فؤاد حمودة - جاسوس الإسكندرية الأكبر5
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى